فِلِسْطِينِيّةٌ بَذَّتْ خُصُومًا
بِعَزْمٍ ذَلّلَتْ عَقَبَاتِ دَهْرِ
تَقُصُّ وَقَصُّهَا شَاجٍ وَمُرٌّ
مَرَارَةَ حَنْظَلٍ فِي كَأْسِ غَدْرِ
تَقُولُ هَوَاجِسِي أَضْحَتْ رَمَادًا
وَبَاتَ النّبْضُ فِي الأَحْشَاءِ يَسْرِي
أَتُوقُ إِلَى طَبِيبِ جِرَاحِ وَجْدٍ
لِيُطْفِئَ نَارَ أَوْجَاعي وَجَمْرِي
يُكَلِّمُنِي الجَنِينُ طَوَالَ حَمْلٍ
بِرَكْلٍ وَيْكَ يُتْبِعُهُ بِنَتْرِ
أَهِمُّ بِسَبْرِ غَوْرِ غُمُوضِ لُغْزٍ
أُتَرْجِمُهُ بِلاَ نَقْصٍ وَ حَسْرِ
فَيَهْدَأُ بَعْدَهَا فَرِحًا بِنَصْرٍ
خَلاَ مِنْ جِنْسِ إِيذَاءٍ وَضُرِّ
سُرِرْتُ وَكَيْفَ لاَ بِقُدُومِ شِبْلٍ
إِذَا زَلَّتْ خُطَاهُ قَامَ يَجْرِي
فَصِرْتَ فَدَتْكَ أنْفْاسِي سَجِينًا
كَرِئْمٍ وَسْطَ أَضْبَاعٍ بِقَفْرِ
وَمَا فَتِئَ الفُؤَادُ يَخُطُّ رَسْمًا
لِبَدْرٍ لَوْ نَأَى يَدْنُو بشِعْرِي
بُنَيَّ يََزُورُ طَيْفُكَ صَحْنَ دَارِي
فَيَغْدُو لَحْنَ قِيثَارٍ لِطَيْرِي
إذا طَرْفِي سَهَى فالقَلْبُ صَاحٍ
يَعُومُ خِلالَ أَنْهَارِي وَبَحْرِي
فَأَسْمَعُ مِنْكَ آهِ وَإِنْ تَلاشَى
يَحُطُّ رِحَالَهُ في جَوْفِ صَدْرِي
يَكَادُ الدّمْعُ يحَرِقُ مُؤْقَ عَيْنِي
فَهَيْهَاتَ التَّجَلُّدُ، عِيلَ صَبْرِي
أَلاَ لَيْتَ الصَّغِيرَ يَعُودُ يَوْمًا
لِيَقْرَأَ إِي وَرَبِي سِفْرَ فِكْرِي
أُحِيطُ بِه مَجَرّاتٍ لِكَيْلاَ
يُعَانِيَ مِن زَنَازِينٍ وَأَسْرِ
وَلَيْسَتْ تِلْكَ إِلاَّ أُمْنِيَاتٍ
وَلَكِنْ ثَمَّ يُسْرٌ بَعْدَ عُسْرِ
دَعَوْتُ اللهَ فِي ظُهْرٍ وَعَصْرٍ
وفِي لَيْلٍ مُنَاجَاتِي وَفَجْرِ
بِآيَاتِ الكِتَابِ أَفُضُّ حُزْنِي
أُصَلِّي الشَّفْعَ أَتْلُوهُ بِوِتْرِ
فَأَصْبَحَ فِي جِنَانِي سُنْبُلاتٌ
سَأُسْقِيهَا بِيَنْبُوعٍ وَقَطْرِ
أُقِيمَتْ حَوْلَهَا أَسْوَارُ حِصْنٍ
بِمِتْرٍ لاَ تُقَاسُ وَلاَ بِشِبْرِ
وَمَنْ يَتَخَطَّ سَدِّي قِيدَ رُمْحٍ
أُمَزِّقْهُ بِأَنْيَابٍ وَظُفْرِ
إِذَا مَا الحُرُّ دِيسَ ثَرَى حِمَاهُ
تَحَوَّلَ آنَذَاكَ إِلى هِزَبْرِ
شُعُورُ الأُمِّ إِحْسَاسٌ رَهِيفٌ
تَجَاوَزَ كُلَّ قَنْطَرَةٍ وَجِسْرِ
فَلاَ تَعْجَبْ إِذَا صَحَّتْ رُؤَاهَا
فَتِلْكَ كَرَامَةٌ جُبِلَتْ بِطُهْرِ
أَلاَ إِنَّ البَوَاسِلَ أُمَّهَاتٌ
تُشَارِكُ فِي البِنَا شَطْرًا بِشَطْرِ
فَلَمْ تُدْرَسْ دِيَارٌ هُنَّ فِيهَا
وَلَنْ يُقْصَيْنَ في حَشْرٍ وَنَشْرِ
رِيَاحُ الأُمِّ إِنْ هَبَّتْ فَمِسْكٌ
وَإِنْ سَكَنَتْ فَمَمْزُوجٌ بِعِطْرِ
وَحِينَ البَأْسِ لِلْفُرْسَانِ رِدْفٌ
وَهَلْ رِدْفٌ لِبَطْنٍ غَيْرُ ظَهْرِ
أَوَانِسُ جُرْحُهُنَّ يَكَادُ يُدْمِي
أَبَتْ ذَرْفَ الدّمُوعِ وَلَوْ بِنَزْرِ
فَأَكْرِمْ بِالّتِي رُزِقَتْ وَلِيدًا
بَعِيدَ الرَّأْيِ مِنْ زَيْغٍ وَعَثْرِ
تَخِرُّ له الجبابرُ فِي خُضُوعٍ
كَإِخْضَاعِ المُلوكِ بِسَيْفِ عَمْرِو
فَذَاك الفَخْرُ فِي نَظْمٍ وَلَكِنْ
بَرَاعِمُنَا تُرَفْرِفُ رَفَّ صَقْرِ
إِذَا مَا الأُسْدُ سَادَتْ فِي شِعَابٍ
يَسُودُ الصَّقْرُ فِي جَوٍّ وَبَرِّ
وَوَصْفِي لِلْفَتَى أَقْصَى مَجَازًا
مآثِرُهُ بِلاَ عَدٍّ وَحَصْرِ