خربشات على الماء

التفاصيل الصغيرة
النكهة الحقيقية للحياة
أن يبكي الطريق من خطاي مثلا
أو أن اختلس من حدائقك نظرة
أن أقضي سهري على ضوء شامة في جسد رحيقك
أو أن يأكل الوطن داليات أحلامي
هذا الخليط العجيب
نكهة مثلى
زلال المشي نحو الهاوية

ما أطول الروايات
تفتح النوافذ لتفاصيل باهتة
و عنادلا لا تجيد الغناء
تترك تغفل حاستين و رفيف
و تحشو الوقت بخيط رقيق
ما أحدّ القصص القصيرة جدا
جزلة اللحن
فارهة البلاغة و الاقتناص
مائدة مشغولة بعناية الدهشة و المعنى
تتركك بوشم عميق في الذاكرة
ولذة في عمر الإجابة
تمام كما تفعل غابات عينيكِ بي
و رائحتكِ البرية بخيالي

تعالي نفكك أحجيات الشوق
و نشيع خمرا في رحم الأحلام
نُسقط الاحتمال في فم اللهفة
و نشرب نخبًا معتقا قبل ولادة العشق
تعالي ضفيرة ضفيرة
تعالي عاصفة بكل أحمال المسير
تعالي عقابا للخواء المشرئب بكل أحصنته
تعالي بكل حزن المسافة و أظافر الخيبات
تعالي محيطا محيطا أغرقي مداي و ذاكرة العطش
تعالي خفيفة جسدا من لآلئ الأغنيات
ثقيلة مثل الشغف
تعالي نسد الطريق على الشوق
ونذوب ماءً بماء
نسقي زنابقنا و القصائد
ونعلم البلاغة درسا لن تنساه

لو أنصتت سوسناتكِ للذي لم أقل
لصارت مزارًا
للعنادل و الشتاء
لقوافي الريح و الغناء
للصيف و فراشات الدهشة
للصباحات الضحوكة
و دندنات الماء
لو أنصتت سوسناتكِ للذي لم أقل
لفجّت محاصيلها طربا
وبايعها الظل و أولاده و الكمنجات
لخرّت كل عادات السكون تحت أقدامها
ونما ضجيجها عجبا
ملائكةً و جانًا و طقوسا مورقات شاهقات
لو أنصتت سوسناتكِ للذي لم أقل
لصرتُ شاعرا
نبيا للرحيق
عازفا للبريق
و في العشق سيد الأولياء

الوطن حيث تراكَ
لا قليلا و لا كثيرا
تماما كما أنت
ربما ناقص حاسة
أو زائد خيبة
لا فرق
المهم أن تراكَ
رغيفكَ على مسافة خطوة لا أكثر
و ابتسامتك محاق أو أخف قليلا
غدك في جيبك الأيمن
و في الأيسر ذاكرة خجولة
المهم أن تراكَ
و لو على أخر الطريق
الحدود فكرة المنتفعين

تبا لكل ما أعرف
لكل هذا الوهج المتطاير في رأسي
مثل الرصاص
يرسم ألف حد
و ألف سؤال
يدخلني في نزق الحضارة الثقيلة
ويتركني أقلّم أظافر أجنحتي
ما أجمل الجهل
و ما أجمل بدائية التماس مع الأشياء
غرف الزلال بكفوف الأماني

كل النبوءات تأتي بك
و عيون العرافات
قطاف المطر
طراوة العود في مهب النسائم
غزلان الضوء الشاردات من الشموس
ضحكات القمر و أسرار الشفق
ذاكرة الفراش على فم الورد
غواية القمح في عشيات الهوى
و عشقي للانهزام اللذيذ أمام الطقوس الهوجاء
كنتُ أدرك أن الفصول عشرا
و أن النهر يسير
أما عيناك فأوقفتني في مهب المصير
أوقفت نهري على أقدامه
و أدخلتني فصلا خارج إدراك الفصول
كنت أدرك أن القصيدة امرأة
و أن المجاز بلا حدود
حتى تعاظم منحوتكِ
غيمة غيمة
أدركت أن القصيدة سحر
و المجاز ملمس من شغب الموسيقى
كنت أدرك أن الرفيف شقيق السماء
إلى أن شق ملمسكِ نشوة الخيال
عرفت حينها
أن الرفيف فكرة مسّ مجنون
سفر في لذة الهوس المجهول
و ولاة متكررة
كنت أدرك أنني أدرك
إلى أن فجّ ضجيجك
فعرفت أن ما خلف المحال
حواس و سلطة ماء
كمنجات و أسرار فريدة

ليس كل ما فات مات
حتى بعض الأموات
لازالوا يتعمشقون أحبال الذاكرة
يتأرجحون
يعبثون
و يدسون عبقهم في نبض الولادات الجديده