كَمْ مِنْ مليكٍ ..
و كَمْ مِنْ هنا تُفيدُ الكَثرة.. و الكثرة هي ما زاد على ثلاثة..
و أما مليكُ فهي مشتقة من مَلَكَ على وزن فعيل بمعنى مفعول أي مملوك كمثل جريحٍ و تَعني مجروح..
و مليك لا تختصّ بالملوك فقط فهي تكاد تكون إسم جنس للمتحكمين على أنواعهم ممن يجلسون في أعلى هرم السلطة و يدخل في إطارها الملوك والأمراء و الرؤساء و من على شاكلتهم أو لفّ لفّهم فكان فعيلٌ مَفْعولٌ إيْ مَليكٌ بنفسه مملوك لغيره ..
و باعتبار هذا التعريف تتحقق الكثرة و إلا فإنَّ من يُحتملُ أن يبول في سرواله إذ يبلغ من العمر عِتِياً في زمننا الحاضر هو واحد أو إثنان متبقيان قبل اكتمال الجيل الذي لا يبول..
بال ..
و بَالَ هو فِعْلٌ لازِمٌ ذي بالٍ يُشْغِلُ المُلُوك َ في أحرج الظروف و في القِمّةِ خُصوصاً فنجدهم يقبضون أنفاسهم عند قراءة البيانات و خاصة منها بيانات الشجب و الإدانة و التي لا تنتهي بفعل بال فقط و إنما بأفعالٍ أخرى..
من هنا نفهم ما تحدثه البيانات من بلبلة تفوح روائحها على المدى البعيد..
في سرواله ..
إشارة إلى أرذل العمر الذي كان يتمتع به أكثر الملوك و الحكام إلى عهد قريب فيتحَلَّوْنَ بالخَرف فلا يعلمون أو يتذكرون شيئا بعد أن لم يعلموا شيئا في الأساس و هو ما تطلق عليه الحداثة إسم الزُهايمر..
فتقول بال بولاً في سرواله فبلله إمّا لخرفه و إما لسلسٍ أصابه بتضخم غدَّة البروستاتا و إما هواية و استئناسا بالرجس النجس فإنَّ البولَ نجاسة حسية من لا يستبرئ منها فليس على المحجة البيضاء..
وَ أما إن كان الشاعر قصد الحداثيين أيضاً فهؤلاء ينطبق عليهم الشرط الأخير من باب الولد سِرُّ أبيه..
و أستبعد أن يبول خوفا أو من البرد فهذه من خصائص الحاشية..
و تَقُوْلُ عنه كلابه..
هنا يطول الحديث .. فلنقتضب..
كلاب المليك أنواع كثيرة.. و كلها يقول و ينبح بما فيه..
و ربما خصّ الشاعر هنا الكلاب الإعلامية التي تسبح بحمد المليك و تسجد له فالكلب مشهور بوفائه لصاحب نعمته و عين الرِّضَا عن كُلَّ عيب كليلةٌ..
إلا أن الكلاب مشهورة أيضاً بالخسّة و السفالة و عينها كليلة رضيت أم لم ترضَ..
كما أنها مشهورة بالنجاسة فإذا ولَغَتْ من إناءٍ وجب عليك غسله سبعا إحداهنّ بالتراب..
هذه الكلاب الإعلامية تتفوه بالنجاسات المعنوية مسبحة بحمد مليكها زورا و بهتانا و هكذا الحال فإنَّ منطقَ القوة لا يخضع لقوة المنطق و إِنْ كان هذا لا يغير من واقع الأمر شيء.. هو فقط يزيد من نكد المستضعفين.. و لولا المستضعفين ما كان مليكا مملوكا يبول في سرواله و هو يشنف آذانهم بسحر البيان و البلاغة..